كلمة رئيس أكاديمية منيسوتا لتعليم اللغات:

الحمد لله القائل في محكم تنزيله”وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا” وصلى الله على سيدنا محمد عليه أفضل الصلوات والتسليمات، معلم الناس الخير، الآمر لزيد بن ثابت بتعلم السريانية، ففيما رواه أحمد في مسنده عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أتحسن السريانية؟ إنها تأتيني كتب” قال: قلت: لا، قال: “فتعلمها” فتعلمتُها في سبعة عشر يوماً،

من هذا المنطلق تتوجه جامعتنا الإسلامية  لتعليم اللغات الأجنبية، لإدراكها أن معرفة لغة أجنبية وإجادتها إلى جانب اللغة الأم في هذا العصر باتت ضرورة من ضروريات الحياة ؛ إذ أصبحت إجادة اللغات الأجنبية وإتقانها أحد أهم المؤهلات الثقافية والعلمية التي تمنح الفرصة والأفضلية والثقل في كل ميادين الحياة والعمل، كما تُهيئ الفرصة الأكبر، والنافذة الأوسع للانفتاح المعرفي،  والتفاعل الثقافي مع مختلف المجتمعات والثقافات المختلفة، والاستفادة من كل التجارب الإنسانية في عالم حولته ثورة التقنيات الحديثة في وسائل الاتصال إلى قرية صغيرة متقاربة.

ومما لاشك  فيه  أن المردود الإيجابي لمعرفة وإتقان لغة أجنبية للنهوض والارتقاء بمسيرة الفرد والمجتمع يجعلها أحد أهم المعارف التي يجب أن نحرص على التسلِّح بها. كما أن تعلم اللغات يسهم في التبادل الثقافي والحضاري بين الشعوب ويعطى المتعلم آفاقاً فكرية جديدة، ويكون القادر على هضم الثقافة الأخرى واستيعاب وقبول أفرادها، فضلًا عن أهمية ذلك في إزالة الصراعات بين الشعوب، والناتجة عن الفهم الخاطئ لثقافة الآخر.

ولذا فإن الاخلاص والابتكار والإبداع يجب أن يكون الأسس والأطر الحاكمة لهذه العملية التعليمية، والإنسانية للأجيال الواعدة، لتمكينها من شقِّ طريقها في الحياة بخطى ثابتة، وواثقة، وآفاق رحبة، وفكرٍ منفتحٍ واعٍ، بعيد عن التشنج والتعصب، ويكون قادرًا على استيعاب واقعه، ويسعى بكل إمكانياته لبناء غد أفضل، في إطار من الحرية وتقبل الآخر، والانتماء والاعتزاز بأصوله الحضارية، وقِيَمه الثقافية، والاجتماعية، والأخلاقية.

ولقد حرصنا على تهيئة البيئة الملائمة لأداء رسالتنا قي تعليم اللغات الأجنبية على الوجه الأكمل فاجتهدنا وبعنايةٍ فائقةٍ في انتقاء وضم أفضل الكفاءات والخبرات إلى الهيئة التدريسية والأكاديمية والإدارية، كما تم تهيئة أفضل الوسائل في التعليم الإلكتروني، على أحدث المواصفات للقاعات الدرسية الإلكترونية، بالإضافة إلى الخطط الدراسية التي نعمل على تطويرها سنويًا،  والتي يقوم على تقويمها وتطويرها لجنة مختصة دائمة، لنضاهي بذلك أفضل الجامعات ليس في الشكل فقط ولكن أيضاً في مضمون ما نُقدمه من المناهج والبرامج وأساليب وطرائق التدريس التي تُواكب وتُلائم التطور الهائل في تعليم اللغات حَول العالم، لنقوم برفد المجتمعات خريجين مميزين لديهم من الإمكانيات والثراء العلمي والمعرفي ما يمكنهم من صياغة حياتهم ومستقبلهم بصورة أكمل، ويمثلُ كل هذا إضافةً فعَالة إلى القوة في الحياة العملية والإنتاجية ودَعمًا حقيقيًا لمسيرة النمَاء والتطور والرُقي في أوطانهم.

وفي الختام  فإنني أتقدمُ بخالص شكري وعظيم امتناني لكل الجهود المخلصة التي تعاونت معنا وتضافرت جهودها لبناء هذا الصرح العلمي، وأخص بالذكر وقف بيرليك التركي،  وأسأل الله أن نستمر جميعًا في تحقيق ما نصبو إليه، من أجل خدمة الإنسانية، والتقارب الثقافي بين الشعوب، وبناء جسور المحبة والصداقة، عبر طلابنا الخريجين -وهم من جنسيات مختلفة وثقافات متعددة- الذين سيحملون هذه الأمانة العلمية، والرسالة الإنسانية الخالدة،  وسنحقق من خلالهم بمشيئة الله تعالى؛ تعليم الجميع أن الإنسان أخو الإنسان، وأننا جميعاً على هذه البسيطة في مركب واحد علينا أن نعيش فيه بالمحبة والسلام والوئام.

أ.د. ميسر أحمد المكي